تعد الملوثات العضوية الثابتة إحدى أخطر الملوثات وهي مواد كيماوية عضوية تشكل ذرات الكربون والكلور والبروم بنيتها الأساسية وهي مقاومة للتحلل في البيئة بيولوجيا أو كيميائيا أو حراريا أو ضوئيا وتبقى في التربة والبيئة بصفة عامة لفترات طويلة قد تمتد لعقود من الزمن وهي تتراكم في أنسجة الإنسان والكائنات الحية وعبر السلسلة الغذائية مسببة أمراض خطيرة. وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن التعرض المباشر وغير المباشر للملوثات العضوية الثابتة يمكن أن يسبب أمراضا خطيرة للإنسان ومنها السرطان وخلل الجهاز المناعي والفشل التنفسي وأمراض الجهاز العصبي والطفرات الوراثية واضطراب الغدد واضطراب وظائف عناصر الدم والكبد والكلى كما أن ثباتها في البيئة وعدم تحللها يؤثر على كل مكونات وعناصر البيئة والتنوع الحيوي. وفى هذا المجال
أوضح المهندس أحمد عبد الحميد مدير مشروع الادارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة و هو احد المشروعات التابعة لوزارة البيئة بالتعاون مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ووزارة الكهرباء والطاقة المتجددة والبنك الدولي بوصفه الجهة المشرفة على التنفيذ ومرفق البيئة العالمى كجهة مشاركة فى التمويل والذى يقدر بحوالي ٢٣ مليون دولار تقريبا. وأضاف مدير المشروع أنه يتم التعامل مع بعض المخلفات الخطرة والمدرجة تحت قائمة الملوثات العضوية الثابتة طبقا لاتفاقية استكهولم للملوثات العضوية الثابتة ومنها بعض المبيدات وثنائي فنيل متعدد الكلور وهو مركب كيميائي يستخدم في بعض الصناعات الكهربائية وزيوت المحولات الكهربائية وقد استهدف المشروع التخلص الآمن من 2000 طن من هذه المواد الخطرة ومن كافة المخلفات الناتجة عن عملية التخلص الآمن منها. وقال المهندس أحمد عبد الحميد أن التخلص من هذه المواد لابد من أن يكون تخلصا آمنا مما يعني إتباع الإجراءات العلمية والإشتراطات العالمية البيئية الخاصة بهذا الموضوع من حيث التصنيف والتحليل وإعادة التعبئة والتغليف والنقل وفي الغالب يتم حرق المبيدات عالية الخطورة في أفران خاصة وبالنسبة للزيوت الملوثة بثنائي فنيل متعدد الكلور فالأمر يرتبط بمستوى تلوث هذه الزيوت إذ يمكن معالجة بعضها وإعادة استخدامه من خلال وحدات معالجة خاصة في هذا الشأن.
وأشار المهندس أحمد أن المشروع نجح في التخلص الآمن من ألف طن من المبيدات الراكدة والمهجورة عالية الخطورة ومنها مبيدات الملوثات العضوية الثابتة إلى جانب مختلف المخلفات الناتجة عن عملية التخلص وهي 240 طنا هي شحنة ترانزيت مجهولة من مبيد اللاندين كانت مخزنة بميناء الأدبية بالسويس وبعد إجراء الدراسات والتحاليل اللازمة اتخذ القرار بضرورة نقلها خارج مصر حيث تم حرقها في أفران خاصة بفرنسا وأيضا تم التخلص من 470 طنا من المبيدات عالية الخطورة كانت مخزنة بأحد المواقع بمنطقة الصف بالجيزة حيث نقلت الشحنة وأحرقت في أفران خاصة بكل من السويد وفرنسا. واضاف مدير المشروع انه تم التخلص من 370 طنا من المبيدات المهجورة عالية الخطورة كانت مخزنة في عدة مواقع بالجمهورية في عدة محافظات وصلت إلى ثلاثين موقعا ومنها الإسكندرية والشرقية والبحيرة والقليوبية وأسيوط وبني سويف وبعد تصنيفها وتحليلها ثبتت صلاحيتها للاستخدام كوقود بديل في الأفران في شركات الأسمنت الكبرى حيث تم حرق هذه الكميات في أفران شركتين للأسمنت بعد الإتفاق على حجم وشكل ونوعية عبوات إعادة التغليف لتكون جاهزة للدخول إلى الأفران مباشرة فور وصولها حيث تمت إعادة تعبئتها في عبوات من الكارتون بحجم خمسين في خمسين سنتيمتر وبهذا يكون المشروع قد نجح في تحقيق المستهدف من المكون الخاص بالمبيدات وتخلصت مصر نهائيا من مبيدات الملوثات العضوية الثابتة. وبالنسبة لثنائي فينيل متعدد الكلور قال المهندس عبد الحميد انه يعد من المركبات الكيميائية الخطرة المدرجة على قائمة إتفاقية استوكهولم للملوثات العضوية الثابتة ويستخدم في الصناعات الكهربائية وفي زيوت المحولات الكهربائية وقد نجح المشروع في الوصول إلى المستهدف في هذا المكون حيث تم جمع وتحليل وتصنيف ما يربو عن ألف طن من الزيوت الملوثة بثنائي فينيل متعدد الكلور وبعد القيام بالدراسات العلمية اللازمة وقياس نسب تلوث هذه الزيوت من خلال كوكبة من الخبراء المصريين والعالميين استقر الرأي على تدوير هذه الزيوت وإعادة استخدامها باحدث التكنولوجيات ووحدات معالجة هذه الزيوت وهو ما يحقق وفرا اقتصاديا كبيرا لأنها زيوت باهظة الثمن وبالفعل تم استيراد وحدتي للمعالجة وسيبدأ تنفيذ خطة علمية بيئية محكمة لمعالجة هذه الزيوت باستخدام الوحدتين. وشدد المهندس أحمد عبد الحميد ان التخلص لابد ان يكون تخلصا امنا يضمن عدم تأثر الإنسان و البيئة وعدم وجود أي أثر باق لعملية التخلص ولذا فالامر يتطلب دقة بالغة فى تنفيذ كل خطوة وفى هذا الشان اتخذ المشروع عدة خطوات وهى استقدام أفضل الخبرات العلمية المصرية والعالمية للعمل مع المشروع و تطبيق أحدث الأساليب العلمية في عمليات الجمع والتحليل والتصنيف للمواد الخطرة و إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي وإستخدام أفضل وسائل التعبئة والتغليف لهذه المخلفات الخطرة في عبوات ممهورة بطابع الأمم المتحدة وتم إتخاذ اجراءات دقيقة وصارمة فى عمليات نقل هذه المواد الخطرة حى وصولها للموانىء وسفرها . واضاف مدير المشروع انه تم تنفيذ العديد من الدورات والورش التدريبية للعاملين في المواقع المختلفة والعاملين في قطاعات البيئة والزراعة والكهرباء بالإضافة إلى الدقة في تنفيذ مختلف خطوات التخلص الآمن من هذه المواد ونقلها خارج مصر وبما يتطابق مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية ومنها اتفاقيتا استوكهولم للملوثات العضوية الثابتة وبازل لنقل المخلفات الخطرة ويحرص المشروع على تحقيق مفهوم الاستدامة من خلال بناء القدرات الوطنية وتوطين التكنولوجيا ومراعاة البعدين الاقتصادي والاجتماعي ونجح المشروع في التخلص الآمن من هذه الكمية الكبيرة من المبيدات والمواد الخطرة ومن هنا فقد إستقدم المشروع إستشاريا خاصا بهذا المكون وتم تنظيم العديد من جلسات الاستماع واللقاءات الجماهيرية في مناطق عمل المشروع للتعرف على آراء المواطنين ومقترحاتهم وشكاواهم حيث تم الإعلان عن آلية خاصة لتلقي هذه الشكاوى والمقترحات و لابد الآن من التعرف على آراء المواطنين فيما يخص أية مشروعات تنموية وكان المشروع قد بدأ هذا مبكرا أيضا قبل القيام بعمليات التخلص حيث عقدت عدة جلسات استماع في المناطق المحيطة بمواقع العمل كما أن المجتمع المدني ممثل في لجنة تسيير المشروع.