نظم مشروع الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة الذى تنفذه وزارة البيئة ورشة عمل تدريبية لرفع وبناء القدرات الإعلامية فى مجال الملوثات العضوية الثابتة بحضور كوكبة من الخبراء والعلماء ولفيف من الإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام المقروءه والمسموعة والمرئية .
افتتح الورشة المهندس أحمد ابو السعود رئيس جهاز شؤون البيئة والذى أكد على أهمية هذا المشروع لكى تتخلص مصر من بعض المخزونات من المبيدات والزيوت التى تندرج تحت الملوثات العضوية الثابتة وهى من أخطر الملوثات التى تهدد صحة الإنسان والبيئة، كما أكد على اهتمام وزارة البيئة بقضية المخلفات الخطرة بشكل عام، حيث تنفذ فى هذا الإطار مجموعة من المشروعات منها هذا المشروع، كما تعمل الآن على تحديث الخطة الوطنية المصرية للملوثات العضوية الثابتة وأوضح أن المشروع قد بدأ بالفعل الخطوات التنفيذية للتخلص الآمن من شحنة مبيد اللندين المخزنة فى ميناء الأدبية بالسويس، حيث ستقوم إحدى الشركات العالمية المتخصصة فى هذا المجال بنقل هذه الشحنة خارج مصر لتحرق فى أفران خاصة فى فرنسا، حيث تم فض إحراز هذه الشحنة من قبل النيابة العامة بالسويس، وأكد أحمد ابو السعود على أن المشروع يتبع الإجراءات الفنية والعلمية والقانونية الدقيقة فى مختلف خطواته من أجل التخلص الآمن من هذه الملوثات العضوية الثابتة .
والجدير بالذكر أن وزارة البيئة كانت قد أعلنت عن مناقصة عالمية للتخلص الآمن هذه الشحنة من اللندين مجهولة المصدر التى وصلت إلى ميناء الأدبية بالسويس منذ 18 عاماً وتسلمتها النيابة ولم يتم التعرف على الجهة المصدرة، وقد فازت شركة يونانية خبيرة فى هذا المجال بالمناقصة وهى بصدد إتخاذ الخطوات العملية لنقلها خارج البلاد مع إتباع مختلف الإجراءات التى تضمن الإلتزام ببنود اتفاقية بازل لنقل المخلفات الخطرة، ومنها مثلا ( اخطار البلاد التى ستمر عليها الشحنة حتى وصولها لفرنسا ) وفى افتتاح الورشة أكد المهندس أحمد عبد الحميد مدير المشروع على الاهمية القصوى التى يوليها المشروع للتوعية بقضية الملوثات العضوية الثابتة والدور الحيوى الذى يلعبه الإعلام فى هذا الإطار وحرص المشروع على التواصل المباشر والمستمر مع الإعلاميين للتعريف بمختلف جوانب هذا الموضوع، وقدم أحمد عبد الحميد عرضاً مبسطاً عن أهداف المشروع والتى تتلخص فى التخلص الأمن من 1000 طن من المبيدات المحظورة ومنتهية الصلاحية المخزنة فى بعض المواقع ومنها حوالى 220 طناً فى ميناء الادبية بالسويس وحوالى 230 طناً بمنطقة الصف بالجيزة و 250 طناً موزعة على تسع مناطق آخرى، ويهدف المشروع ايضاَ إلى جمع ومعالجة 1000 طن من الزيوت الملوثة بمادة ثنائى فينيل متعدد الكلور pcbs وهى إحدى الملوثات العضوية الثابتة التى كانت تستخدم فى المحولات الكهربائية ويعمل المشروع على نقل وتوطين تكنولوجيات معالجة هذه الزيوت، واشار إلى أن أحد أهم أهداف المشروع بناء وتقوية الامكانات والقدرات الوطنية للتعامل مع الملوثات العضوية الثابتة بطرق علمية سليمة، وهو ما يخدم البيئة والصحة فى مصر ويحقق التزامات مصر فى تطبيق الاتفاقيات الدولية فى هذا المجال مثل اتفاقية استكهولم للملوثات العضوية الثابتة واتفاقية بازل لنقل وإدارة المخلفات الخطرة .
وقد بدأت الورشة بمحاضرة عامة عن الملوثات العضوية الثابتة قدمها الأستاذ الدكتور سعد حسن الأستاذ بكليه العلوم جامعة عين شمس، حيث بدأ بعرض لمراحل تاريخية لاستخدام المبيدات مع الثورة الزراعية فى الخمسينيات وبدء الانتباه لخطورة الاسراف فى استخدام المبيدات مع نشر كتاب راشل كاريسون الربيع الصامت عام 1962 والذى دقت فيه أجراس الخطر والإنذار للتدهور الذى حدث فى البيئة والتنوع البيولوجى والمخاطر على صحة الإنسان والحيوان جراء الاستخدام العشوائى وغير الرشيد للمبيدات، ثم عرض دكتور سعد حسن قضية الملوثات العضوية الثابتة والتى تضم مجموعة من أخطر المواد الكيماوية التى تبقى فى البيئة لسنوات وعقود ولا تتحلل و تنتقل من مكان لاخر وتخزن فى الخلايا الدهنية للكائنات الحية وعرض دكتور سعد حسن قوائم هذه المواد التى تندرج تحت اتفاقية استكهولم للملوثات العضوية الثابتة، ومنها بعض المبيدات التى يطلق عليها الدستة القذرة مثل د.د.ت – الدرين –كلوران – اندرين – هيبتا كلور – توكسانين –ألخ. وعرض مجموعات آخرى اضافتها اتفاقية استكهولم ومنها مبيد اللندين ، واشار بشكل عام إلى التأثيرات الصحية الخطيرة على صحة الإنسان جراء التعرض المباشر وغير المباشر لهذه الملوثات فهى تؤثر على اجهزة الجسم.
ثم عرض دكتور صلاح سليمان استاذ كيمياء سمية المبيدات بجامعة الإسكندرية أبعاد آخرى تضاف لقضية المبيدات وهى كيفية تحقيق التوازن بين احتياج العالم للمبيدات لمقاومة بعض الآفات والحد من اضرارها والكميات المستخدمة حتى لا تؤثر على الصحة والبيئة مؤكدا أن المسألة كلها تتعلق بالاستخدام الرشيد للمبيدات والالتزام بالاجراءات الوقائية الخاصة بكل مبيد وشروط الاستخدام اما الاستخدام العشوائى فهو ما يؤدى إلى تلك الآثار الخطيرة على الصحة والبيئة، وقد دار نقاش مفتوح عن التناول الإعلامى لهذا الموضوع واستخدام بعض المصطلحات التى لا تتميز بالدقة العلمية مثل المبيدات المسرطنة أو اللندين المشع إلى غير ذلك من المصطلحات التى تستخدم إعلاميا وهنا اكد دكتور صلاح انه لا توجد مبيدات مشعة وأن خصائص المبيدات تختلف من مبيد لآخر وأن كلمة مسرطنة غير دقيقة لأن الامر يتعلق بكيفية الاستخدام .
وقد شارك بالورشة أيضا خبراء وزارة الزراعة دكتور ممدوح الشريف مدير المعمل المركزى للمبيدات ودكتور ياسر وحيد عبد الفتاح رئيس قسم بحوث مستحضرات المبيدات ودكتور نبيل صابر عبد الحى رئيس قسم الرقابة بالمعمل المركزى للمبيدات، وقد أكد دكتور ممدوح الشريف على التعاون الوثيق مع وزارة البيئة من خلال هذا المشروع للتخلص الآمن من تلك الكميات الخطرة المخزنة منذ مدة طويلة وتحدث عن أهمية الدور الرقابى الذى يقوم به المعمل المركزى على المبيدات وكميتها ونوعيتها واشتراطات استخدمها، واهمية المشروع فى أن تتخلص مصر نهائياً من المبيدات التى تقع تحت قائمة الملوثات العضوية الثابتة ومجموعات آخرى من مخزونات المبيدات الراكدة، وقال أن عبئاً كبيرا يقع على عاتق وزارة البيئة ووزارة الزراعة للتخلص من هذه الرواكد وهى عملية مكلفة جدا ومن هنا فهناك تعديلات قانونية مطروحة الآن بان يكون لمستوردى المبيدات دور فى تحمل كلفة التخلص من اية رواكد، و أكد أن نظام الرقابة على المبيدات فى مصر يعد من اكثر النظم صرامة على المستوى الإقليمى والدولى .
وتحدث دكتور ياسر وحيد عن الجهود المبذولة بالشراكة بين المشروع ووزارة الزراعة فى التخلص الآمن من شحنة اللندين والاستعداد للتخلص أيضا من الكميات الموجودة بمخزن الصف بالجيزة من المبيدات المحظورة والراكدة، وأكد على أن الوزارتين ستتعاونان فى اعداد قواعد بيانات ومعلومات دقيقة عن مختلف كميات المبيدات المخزنة سواء من الملوثات العضوية الثابتة أو غيرها من المبيدات المحظورة والراكدة، وشدد على أن الإعلام يجب أن يستقى معلوماته من المصادر الدقيقة ويتأكد من ان مختلف البيانات التى يحصل عليها محدثة وهذا بالفعل ماطالب به الإعلاميون خاصة مع تعدد واختلاف البيانات والمعلومات المتواجدة فى عدة جهات .
وشهدت الورشة ايضاً عرضيين مهمين عن الاتفاقيات الدولية، فقدمت الدكتورة منال سامى فرج مسؤولة نقطة الاتصال الوطنية لاتفاقية استكهولم للملوثات العضوية الثابتة عرضاً عن الاتفاقية وبنودها وآليات التنفيذ والتزام مصر بها، كما عرضت المهندسة غادة عبد المنعم اتفاقية بازل لنقل وإدارة المخلفات الخطرة، وقد طالب الحضور بضرورة تكرار هذا التدريب واستمراره، واقترح البعض اصدار دليل للتعريف بالمصطلحات البيئية والعلمية الدقيقة الخاصة بالملوثات العضوية الثابتة وقد اطلق المشروع فى نهاية الورشة موقعه الالكترونى ليتيح معلومات وافية لكل المهتمين والاختصاصين فى الموضوع وأخبار المشروع أولا بأول هذا وقد وعد مدير المشروع المهندس أحمد عبد الحميد فى نهاية الورشة باستمرار التواصل مع الإعلاميين وتنفيذ خطة متكاملة للتدريب وبناء القدرات، وتأتى هذه الورشة فى هذا الإطار.